الجريمة : بلدية القدس تقرر هدم 100 مسكنا
وتشريد 1000 مقدسي في حي البستان في سلوان
يعيش المواطنون في قرية سلوان، حي البستان، حياة قلق وتوتر واستفراز جراء قرار بلدية الاحتلال في القدس ومخططها الذي يحمل اسم ع/ م / 9 . وكان هذا المخطط قد اعده مهندس بلدية الاحتلال في بداية السبعينات والقاضي بهدم وإزالة اكثر من 100 بيتاً تسكنها أكثر من 140 عائلة الامر الذي سيؤدي الى تشريد حوالي 1000 مواطن فلسطيني من طفل وامرأة ورجل من بيوتهم التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم والتي شُيد اغلبها قبل قيام " دولة اسرائيل " في عام 1948 وقبل احتلال الضفة الغربية وشرقي القدس في عدوان عام 1967. ومن بين المسكان المهددة بالهدم هناك ايضا مساكن يتراوح عمرها الزمني ما بين 10-15 عاماً. وتستند سلطات الاحتلال في ادعاءآتها على حجج تفوح منها روائح عنصرية كريهة عرف بها المواطنون بعدما تسربت الى الصحف العبرية في الفترة الأخيرة .
مقدمة عن قرية سلوان وحي البستان:
يحاذي سلوان من الشمال المسجد الأقصى وسور القدس الشريف وحي المغاربة الذي دمره وازاله الاحتلال الاسرائيلي من داخل اسوار البلدة القديمة بعد عدوان عام 1967، ومن الجنوب امتداد اراضي بيت صفافا والسواحره الغربية (المكبر)، ومن الشرق قرى ابوديس والعيزرية والطور، ومن الغرب الطالبية قبل احتلال عام 1948 اوحي النبي داود وحي الثوري بعد احتلال 1948.
وتبلغ مساحة قرية سلوان اليوم 5421 دونماً ( 7.5 فقط من مساحتها الاصلية ايام الانتداب البريطاني والتي كانت تصل 72119 دونماًً تقع في 17 حوض تنظيمي. وقد كانت اغنى قرية في مساحة اراضيها وهي اليوم من افقرها ( راجع الجدول المرفق لتوضيح ذلك ) .
يزيد عدد سكان سلوان باحيائها عن 40.000 نسمة متفرعون عن 12 عائلة بالاضافة الى بعض الوافدين من خارج سلوان.
خارطة موقع قرية سلوان- القدس حي البستان
وهو الواقع شرق وادي حلوه ووادي الربابه ووادي ايوب وغرب السفح الغربي لسلوان الوسطي، وتجري فيه – في وادي قدرون – مياه عيون سلوان ( أم الدرج وبركة سلوان والبركة التحتا "، وبئر أيوب وعين اللوزة ) .
والجزء المعني في خطة الهدم الاسرائيلة ما مساحته 46 دونماً من حي البستان ويقوم عليه 100 بيت تتخللها بقايا أشجار التين وتنساب قناة مياه ضعيفة تختفي بعد أن تروي الاشجار والبساتين وحدائق البيوت. ويشكل حي البستان جزءاً من حوض رقم 29986 تنظيم الانتداب البريطاني وتعود ارض البستان الى معظم عائلات سلوان التي أقام بعضها بيوتاً في البستان قبل مائة عام أو يزيد، وبعضها ورث هذه البيوت عن الآباء والاجداد قبل احتلال شرق القدس في حزيران 1967. ونتيجة لتزايد السكان وندرة الارض من جراء اعمال المصادرة الاسرائيلية اضطرت العائلات الى حشر نفسها بانشاء ابنية جديدة في ارضها بالبستان أو بإضافة غرفة أو أكثر الى جانب أو فوق البيوت القائمة اصلا من زمن الاباء والاجداد .
كما احتضنت سلوان في حي البستان وغيره العديد من عائلات حارة المغاربة الذي دمرته اسرائيل في 11/6/1967 ، وشردت عائلاته من بيوتها وهاهي العائلات نفسها تقع ضحية العنصرية الاسرائيلية للمرة الثانيه. وتتراوح نسبة الأطفال في حي البستان اليوم بين 65 % - 70 % يعيشون هم وامهاتهم ظروفاً نفسية غاية في السوء نتيجة رعب التهديد بهدم منازلهم وتشريدهم. ولا يخفى على أحد مدى سوء بل انعدام خدمات بلدية الاحتلال للقدس وأحيائها وضواحيها وقراها بشكل عام ولاحيائها الفقيرة بشكل خاص بالرغم من ايفاء هذه الاحياء بالتزاماتها الضرائبية تجاه بلدية الاحتلال.
صورة جوية تظهر حي البستان- سلوان جنوب المسجد الاقصىاهداف عنصرية
يطلق على الاحياء العربية التي تحكمها مخططات الاقتلاع والابتلاع في مسميات التخطيط الاسرائيلي العنصري "الحوض المقدس" الذي يستند على اقتلاع الجوييم - الاغراب وإحلال مكانهم عنصر " أبناء الاباء" الذين ذكرتهم بلدية الاحتلال بالنص في برتوكول المخطط الهيكلي لمدينة القدس للفترة من 2000-2020 لتصبح المدينة كما رآها "الاباء" قبل 3000 عام.
وقد عبر عن هذه العنصرية صراحة بل وبكل وقاحة المهندس مستشار رئيس بلدية الاحتلال في بداية السبعينات عندما رفض في حينه عرض المواطنين في سلوان وبالذات منطقة حي البستان أن تقوم البلدية ببناء المدارس والملاعب والخدمات في ذات الموقع المستهدف اليوم – حي البستان – بقوله:
" نحن نبحث عن تسعين عاماً قبل الميلاد " ؟؟!!
وقد اعاد تأكيد هذه العنصرية مهندس بلدية الاحتلال الحالي اوري شطريت في رسالة موجهة الى مدير قسم الرقابة على البناء في بلدية الاحتلال مؤرخة في 11/11/2004 ( انظر النسخة المرفقة عن الرسالة ). وقد طلب مهندس البلدية في هذه الرسالة هدم جميع الابنية في هذه المنطقة بحجة الحفاظ على الاثار والتاريخ اليهودي وبحجة ان المنطقة هي منطقة عامة مفتوحة وطريق.
نسخة عن رسالة مهندس بلدية الاحتلال اوري شطريتصورة جوية لحي البستان مرفقة مع كتاب مهندس البلدية اعلاه الى اصحاب المباني ( 88 ). وعند النظر الى الصورة يلاحظ ان ارقاما متسلسلة قد وضعت على المباني المستهدفة بالهدم في حي البستان المعلم باللون الاصفر على الصورة.
وكما قام الاحتلال الاسرائيلي منذ بدايته على اقتلاع اصحاب الارض من بيوتهم وارضهم وإحلال المستعمرين المحتلين مكانهم لا تنفك بلدية الاحتلال وكافة مؤسساتها في القدس على الغاء الطرف الآخر مادياً وأدبياً استناداً لتشريعات واجراءات قائمة فقط على منطق القوة ومنطق الاحتلال في كل جوانب الحياة ومنها التنظيم والبناء. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مضى 17 عاماً دون المصادقة على مخطط هيكلي واحد خاص بالفلسطينيين في القدس بل ان هناك مناطق لم يُصادق على مخططاتها الهيكلية مطلقا ومنها سلوان، كما يوجد مناطق اخرى لم توضع لها مخططات هيكلية في الاصل، اما المخططات التي صودق عليها فلم تأخذ في الحسبان احتياجات السكان لان الاعتبار الاول والأخير في ميزان للاحتلال هو " تهويد " القدس بكل الوسائل، والغاية تبرر الوسيلة، وهذا ما كان في سلوان:
* قضم اراضيها وابتلاعها، منع البناء فيها، وهدم المبنى عليها. ووثق مركز أبحاث الأراضي ومن قبله مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الانسان - جمعية الدراسات العربية هدم واغلاق أكثر من 60 بيتا، واستيلاء المستعمرين اليهود على حوالي 50 بيتاً .
* ومن هنا كان الاهمال المتعمد للبنية التحتية والخدماتيه في سلوان وحي البستان .
* من هنا وضعت بلدية الاحتلال في بداية السبعينات مخططها الذي اطلقت عليه خفية وخداعا اسم ع / م / 9 ، وابقته طي الكتمان لأكثر من 27 عاماً الى أن سربته صحيفتي " هآرتس " العبرية في مقال للصحفي يرون روبرت ، وصحيفة " مكمون يروسلايم " في مقال للصحفي بجي في بداية شهر 4/2005 تحت اسم مخطط ( ع / م /9 )، وربما ارادت الحكومة للمخطط أن يتسرب لأنه حان وقت تنفيذه علناً .
خلفية وإبعاد مخطط ع/م/9
لم تكن تصريحات المسؤولين في بلدية الاحتلال اكثر صراحه ووقاحه وعنصرية مما هي عليه اليوم تحت مظلة الآثار والتاريخ والحضارة. ولكن من يهدم ويدمر اليوم الآثار في تل الرميدة بالخليل، ومن يحفر الانفاق تحت ابرز معالم الحضارة والتاريخ في الحرم القدسي الشريف والمدينة التاريخية مهدداً وجودها، ومن يلغي طريقاً مفتوحاً من سنين في سلوان ويدمر في المقابل قبوراً لغير اليهود ليفتح طريقا آخر بديلا، ومن يدك في اجتياحه بالمدفعية مدينة نابلس الأثرية والتاريخية، ومن يدمر أكثر من 900 معلماً اثرياً ليقيم جدار الضم والتوسع العنصري لن تنطل ادعاءاته بالمحافظة والحرص على الآثار والحضارة والتاريخ، كما ورد في رسالة مهندس البلدية المرفقة اعلاه:
" كانت القدس في بداياتها تقع على مدينة داود. يوجد في هذه التلة وحولها اثريات منذ ال 5000 سنة الأخيره ، وتتمتع هذه الأثريات بقيمة دولية ووطنية عالية، وهي تجعل المدينة احدى المدن الهامة في العالم " .
فجأة وبعد 37 عاماً من الاحتلال تستيقظ بلدية الاحتلال لتقول ان القدس بآثارها إحدى المدن الهامة في العالم !!؟؟ وهل هي لهذا تستحق كل هذا الاهمال والبطش والظلم لأهلها وساكنيها؟؟ وهل لهذا تستحق آثارها ومعالمها الدمار والاندثار ؟؟ وهل لهذا تستحق أن تُمزق بالأسوار والطرق والحواجز البشعة.
يهدف المخطط ع/م/9 الى انشاء منطقة تواصل من دون وجود سكان اغراب (عرب).
وقال مهندس بلدية الاحتلال، اوري شطريت، في مقابلة مع راديو " يروشلايم اذيعت مؤخرا :
" ان بامكاننا منع السكان ( الفلسطينيين ) من دخول بيوتهم حتى لو لم نتمكن من هدم البيت نفسه بحجة ان البناء غير المرخص لا يسري عليه التقادم. انني انوي هدم بيوتكم لمصلحتكم انتم لإنقاذكم من فيضانات هذا الوادي".
وقد تناسى هذا المهندس ان الفيضانات التي يتحدث عنها ناتجة عن سيل المجاري القادم من الجزء الغربي من القدس المحتلة الذي يقطنه اليهود.
ويمضي مهندس بلدية الاحتلال في تجاوزاته قائلا:
" انوي تجاوز منع القانون الاسرائيلي بهدم المباني التي شُيدت في المنطقة قبل عام 1967 وتلك التي بنيت قبل اكثر من سبع سنوات ويسري عليها قانون التقادم والتي لا يمكن هدمها ولو بنيت بدون ترخيص".
واضاف هذا المهندس العنصري في المقابلة ذاتها ان المخطط المعني سيشمل المناطق المحيطة بالقدس القديمة ليحاصرها بحزام اسرائيلي أسماه " الحوض المقدس" ( سلوان وسفوح جبل الزيتون ( الطور) ووادي الجوز والشيخ جراح ). وهذا هو بالضبط المخطط الذي رفضه الرئيس الفلسطيني المرحوم ياسر عرفات بكل اصرار في محادثات كامب ديفيد الثانية.
الاثار والاهداف المتوقعة لمخطط ع /م /9 العنصري
في الوقت الذي تستمر فيه أعمال حفر الانفاق اسفل الحرم القدسي الشريف ويستمر فيه بناء مستعمرة يهودية على أراضي سلوان في رأس العمود – معليه زيتيم – ويستمر فيه الاستيلاء على العقارات الفلسطينية في منطقة وادي حلوه ( سلوان) ، يهدف المخطط العدواني ع / م /9 إلى خلق تواصل بين كل هذه الاماكن وبين اجزاء غرب القدس مرورا بحارة شرف ( المغاربة) الواقعة داخل اسوار البلدة القديمة وجبل صهيون المجاور.